تُعتبر الثورة حدثًا بالغ الأهمية في التاريخ السياسي، حيث تمثل حركة شعبية تهدف إلى التغيير في الوضع القائم، وتحقق آمال وطموحات الشعب. إنها عملية تشمل تغييرات شاملة في مجالات الاقتصاد والسياسة والمجتمع والثقافة، تؤدي إلى تحولات جذرية داخل المجتمع. رغم أن الثورات غالبًا ما تبدأ بدافع من الشعب، إلا أنها في بعض الأحيان تؤدي إلى حكم دكتاتوري عسكري، كما حدث في العديد من البلدان، بما في ذلك بعض دول أمريكا اللاتينية. إن الثورات تشكل أحداثًا سياسية حاسمة، ولطالما تميزت معظمها بالعنف، حيث تتحول بعض الثورات إلى حروب دامية، مثلما حدث في ليبيا وسوريا، مما أسفر عن مقتل العديد من الأبرياء. وتظل أبرز أسباب انهيار الأنظمة السياسية وتدهورها تتمثل في انتشار الظلم والطغيان داخل المجتمع.
وفيما يتعلق بالثورة السودانية، تكمن نقطة التحول في السؤال: هل توجد أسباب كافية لاشتعال ثورة شعبية في السودان؟ والإجابة هي نعم. فقد كانت هناك العديد من العوامل التي دفعت الشعب السوداني إلى الخروج في مظاهرات واحتجاجات، أبرزها الفساد الذي اتخذ أشكالًا متعددة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من أبرز هذه الأسباب:
أولًا: سيطرة النخبة الحاكمة على مقدرات الدولة ونهب المال العام، مما أثر بشكل سلبي على حياة المواطنين. ثانيًا: انتشار البطالة بشكل واسع في المجتمع السوداني، مما أدى إلى زيادة مشاعر الاستياء والاحتقان بين المواطنين، خاصة في ظل وجود الثروات في أيدي قلة من الناس. ثالثًا: الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان من قبل نظام البشير، الذي لم يظهر أي احترام لسيادة القانون أو حقوق الشعب. رابعًا: تجاهل نظام المؤتمر الوطني لمزاج الشارع السوداني، حيث كان النظام غير مكترث بالقضايا الوطنية في وقت كان فيه الشعب يعاني من الجوع والفقر والمرض، بينما كانت الحكومة تستقبل اللاجئين الفلسطينيين من مناطق بعيدة. خامسًا: تفشي الظلم والفقر في جميع أنحاء السودان، وارتفاع التضخم المالي الذي أدى إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين. سادسًا: تفشي المحسوبية والرشوة، مما أدى إلى حرمان العديد من المواطنين من فرص العمل المناسبة، وزيادة الفساد داخل المؤسسات الحكومية مثل الأمن والقضاء والإدارة. سابعًا: فشل حكومة الجبهة الإنقاذ في حماية الشعب والأرض، حيث تعرض السودان لعدة اعتداءات خارجية من دول أكبر وأقوى، مما أظهر عجز الحكومة عن الدفاع عن مصالح الوطن.
كل هذه الأسباب، إلى جانب غيرها من العوامل الأخرى، كانت وراء ثورة الشعب السوداني ضد الظلم والطغيان الذي مارسه نظام البشير، إذ كانت الثورة الشعبية هي السبيل لتحقيق طموحات الشعب السوداني في الحرية والعدالة.